كركوك كوردستانية بموجب الثوابت والنصوص التاريخية
المصدر : مقتبس من كتاب " تاريخ وحضار الكورد " ص147- 150
الخوريون: Khurds
من الثابت تاريخياً ان
الخوريين هم الذين كانوا يقطنون كركوك وتوابعها في الألفين الثاني والأول ق.م.
وكانت كركوك (Kirkuk) يومذاك تعرف بأسمين (أربخا و اليلاني) أي مدينة الآلهة.
والخوريون يؤلفون شعباً
أنحدر منذ نهاية الألف الثالث ق.م. من الجبال الشمالية في كوردستان ولعب دوراً
مهماً في تاريخ الشرق الأدنى وسياسته وثقافته في الألف الثاني ق.م. ([1])
وتمكنت بعثة التنقيب
الدانماركية في دوكان ولاسيما في تل شمشارة الواقعة في الجهة الشمالية الغربية من
هضبة دوكان قرب مضيف دوكان تحديداً، أسفرت عن أكتشاف آثار خورية يعود زمنها الى
الألف الثاني ق.م. من بينها حوض آجرة من النوع المستخدم في نوزي([2]).
وقد تمكن الخوريون في
الربع الأول من الألف الثاني ق.م. من الانتشار الى عدة جهات من الهلال الخصيب
فوصلوا الى مدينة لالاخ (تل العطشانة) الواقعة مابين حلب وأنطاكية، والى اللاذقية،
ووجدت آثارهم في مواقع أخرى أيضاً مثل تبه كورا وتل ببلا قرب الموصل([3]).
ونوزي هو الإسم الذي أطلقه الخوريون أنفسهم على مدينة كركوك([4])
التي اكتشفت فيها لوحات مدونة باللغة الأكدية تتضمن معلومات تاريخية مهمة عن
الخوريين وعن حياتهم الاجتماعية والاقتصادية([5]).
وتقدر بعض المصادر عدد
الألواح التي تم العثور عليها في تلك المنطقة وبالتحديد في منطقة تل يورغان تبه
بأكثر من خمسة آلاف لوح([6]).
مما يؤشر ذلك الى عمق
حضاري كبير للخوريين حسب مقاييس عصرهم دون شك ومغزاه ان الخوريين الذين حكموا بلاد
آشور على مدى قرن من الزمان هم الذين شيدوا دون ريب عدداً من توابع كركوك أهمها
طوز خورماتو التي تحمل اسمهم حتى اليوم.
أن إسم المدينة الأصلي
هو خورماتو المشتق من كلمتي خور- أي الخوريين، و ماتو- التي تعني المدينة الأكدية
(Akadis) ومعنى الأسم مدينة الخوريين، وظل
خورماتو متداولاً في العصور الاسلامية([7]).
ومن المفيد ان نشير هنا
الى ان أسماء العديد من المواقع الخورية وغيرها في كوردستان (Kurdistan) لاتزال تحتفظ حتى اليوم بصياغتها القديمة منها على سبيل المثال
اسم قرية شمشارة قرب دوكان وكان يطلق عليها قديماً اسم شوشرا الموضع الذي تم
أكتشاف آثار خورية كثيرة فيه قبل ان تغمره مياه السد.
وينبغي الاشارة ايضاً
الى الصلة القوية بين الخوريين والآريين الذين لاشك في ان الخوريين أمتزجوا بهم
فكان الآريون (ARYAS)
يؤلفون بين الخوريين طبقة أرستقراطية قائدة في القرنين الخامس عشر والرابع عشر
ق.م. أي في الوقت الذي أمتلك فيه الخوريون عملياً كامل شمال العراق وعلى هذا
الأساس كان يطلق على المملكة الخورية ايضاً اسم مملكة ميتاني (Mitanni) والميتانيون كنية مشتقة كانت تطلق على الآريين([8])،
فمن الثابت من النصوص المسمارية الكوتيين الذين أدوا نفس دور اللولويين والخوريين
والسوباريين في تكوين الشعب الكردي لاحقاً كانوا يعيشون في الألف الثالث ق.م. في المنطقة
الواقعة جنوب سهل شهرزور([9])،
واتخذوا من كركوك مركزاً لهم وقد أصبحت المدينة تعرف يومذاك بإسم جديد هو أرابخا (Arbakha)([10]).
وكانت اللغة الخورية لها
علاقة باللغة التي كانت منتشرة في منطقة سوبارتو وتشابها مع لغة اللولويين وبناء
على ذلك يمكننا القول ان لغات شعوب هذه المنطقة مقتربة في الشبه من بعضها البعض
الى حد كبير لانها جميعاً من أصل واحد، أما عن دور الخوريين كقوة حاكمة في المناطق
التي شغلوها لم ينته إلا أواخر القرن السادس عشر ق.م. حيث بدأت النصوص المسمارية
تقدم الدلائل على أنتقال السلطة من أيديهم الى يد الميتانيين([11]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جان بوتيرو، بلاد
الرافدين، الكتابة- العقل- الالهة، ترجمة البيرأبونا، مراجعة د. وليد الجادر،
بغداد، 1990، ص99.
آراء:
إرسال تعليق